السبت، 22 فبراير 2014
السبت، 15 فبراير 2014
الخميس، 13 فبراير 2014
الاثنين، 10 فبراير 2014
الأحد، 9 فبراير 2014
سيرة حياة السيدة معصومة (عليها السلام ) :
هجرة السيدة المعصومة إلى إيران
مضت سنة على سفر الإمام الرضا (عليه السلام)إلى مرو، وأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)في المدينة حرموا من عزيزهم الذي كانوا يستشعرون الرحمة واليمن بجواره، ولم يكن يُهدأ روعهم شيء سوى رؤيتهم للإمام المعصوم (عليه السلام).
السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام)كبقية إخوتها وأخواتها قل صبرها وكانت تئنّ كل يوم للوعة فراق أخيها الرضا (عليه السلام).
في هذه الأيام كتب الإمام (عليه السلام)رسالةً مخاطباً أخته السيّدة المعصومة (عليها السلام)، وأرسل الرسالة بيد أحد خدامه إلى المدينة المنوّرة بأقصر زمان ممكن، ثم (عليه السلام)دلّ الرسول على منزل أبيه حيث تسكن أخته المعصومة لكي لا يسأل شخصاً آخر عن منزل الإمام الكاظم (عليه السلام).
وصل مبعوث الإمام إلى المدينة المنورة وامتثالاً لأمر الإمام (عليه السلام)سلم الكتاب إلى السيدة المعصومة. وعلى الرغم من أننا لا نعرف شيئاً عن مضمون ذلك الكتاب، لكنه مهما كان فقد أجج نار الشوق في أهله وأقربائه. ومن هنا قررت السيد المعصومة وبعض إخوة الإمام وأبناء إخوته أن يتحركوا نحو (مرو) ليلتحقوا بالإمام (عليه السلام).
وبسرعة جهّزت عدّة واستعدت القافلة للسير، وبعد التزويد بالماء وأسباب السفر تحركت القافلة من المدينة إلى مرو.
كان في هذه القافلة السيّدة فاطمة المعصومة ويرافقها خمسة من إخوتها، هم: فضل، جعفر، هادي، قاسم، وزيد. ومعهم بعض أبناء إخوة السيّدة المعصومة إضافة لبعض العبيد والجواري .([1])
تحرّكت قافلة عشاق الإمام الرضا (عليه السلام)، ولم تتوقف عن المسيرة برهة سوى في المنازل الضروية للصلاة والغذاء والاستراحة، مخلفة هضاب الحجاز وصحاريه وراءها مبتعدةً يوماً فيوماً عن مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
السفر في صحاري الحجاز كان صعباً للغاية حتى إن الإبل أحياناً كانت تستسلم للعجز وتتقاعس عن المسير، فكيف بالمسافرين الذين لا بد لهم أن يذهبوا إلى مرو. لكن نور الأمل ولقاء الإمام كان يشرق في قلوب أهل القافلة ويحثهم على متابعة السير وسط رمال وأعاصير الصحراء.
في تلك الأيام، كان خطر اللصوص وقطّاع الطريق يهدّد كل مسافر، ويخلق له مشاكل كثيرة. وإذا هجموا على قافلة لا يبقى لأحد أمل في مواصلة السفر، وأقل ما يفعلونه نهب الأموال والمجوهرات والدواب. وإلا ففي كثير من الحالات يقتلون أعضاء القافلة لسرقة أموالهم. وهذا الخطر كان يهدد فاطمة المعصومة (عليها السلام)ومرافقيها، لكنهم توكّلوا على الله تعالى واستمروا بالسير، ويوماً فيوماً كانوا يقتربون من المقصد.
مرّت الأيام والليالي وقافلة قاصدي الإمام الرضا (عليه السلام)خلفت صحراء الحجاز وراءها ولم يبق لها شيء دون الوصول إلى أرض إيران.
وعناء السفر كان يرهق السيدة المعصومة، إلى جانب عناء الطريق ومشاقه على شابة كالمعصومة، ولكنها لشدة ولهها وشوقها إلى زيارة أخيها كانت مستعدة لتحمل أضعاف هذا العناء.
كانت السيّدة في طريقها دائماً تتصور الوجه المشرق للإمام الرضا (عليه السلام)وتتذكر الأيام الّتي قضتها في المدينة، وكانت عليها مسخة سرور تنذر بقرّة عينها في رؤية الإمام، ولأنها ترى أن عينها ستقرّ برؤيته، فإنها كانت مسرورة جداً.
انتهت المرحلة الصعبة من هذا السفر، وأخيراً وصلت القافلة إلى أراضي إيران، وهنا عليها أيضاً أن تواصل السفر واجتياز المدن والقرى واحدة
بعد أُخرى .***
____
[1] . الحياة السياسية للإمام الرضا: 428 ; عش آل محمد: 73 .
القافلة في ساوة...
وأخيراً وصلت القافلة إلى مدينة ساوة. وهناك مرضت السيّدة المعصومة مرضاً شديداً بحيث لم تقدر على مواصلة المسير. هذا السفر الطويل المتعب من المدينة المنورة إلى ساوة كان قد أضعف بدنها، إلا أن شدة المرض هي الأُخرى أنحلت جسمها وأشحبت لونها.
هل إن أخت الإمام الرضا (عليه السلام)تستطيع في هذه الحال أن تكمل سفرها لتزور أخاها العزيز في مرو؟ وهل تستعيد عافيتها وتواصل السفر لتلتقي أخاها العزيز في مرو؟ هذه أسئلة كانت تشغل فكر السيّدة المعصومة وتزيد من قلقها.
وعلى أية حال، قررت السيّدة بعد ذلك الذهاب إلى (قم) ([1])، فسألت من معها: (كم بيني وبين قم؟) أجابوها: عشرة فراسخ. ـ أي خمسة وخمسون كم تقريباً ـ وعند ذلك أمرتهم بالتوجه إلى قم ([2]).
كانت قم آنذاك ملجأ الشيعة، مع أن مذهب التشيع لم يكن شائعاً في إيران، لكن سبب هجرة الأشعريين العرب من الكوفة إلى قم جعلتها مدينة شيعية وجميع ساكنيها من محبي أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
الأشعريون ـ وبسبب ظلم عمال بني أمية الذين تجاوزوا الحد في عداوتهم لأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)ولشيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)ـ قد هاجروا من الكوفة وسكنوا هنا وبنوا مدينة قم وأسسوها.
ولما بلغ خبر وصول السيّدة المعصومة إلى ساوة ومرضها هناك. إلى أهل قم، أجمع كل أهل المدينة أن يذهبوا إلى السيّدة ويطلبوا منها الإقامة في قم. ولكن ذهب (موسى بن خزرج) ممثلاً من أهالي قم إلى بنت الإمام الكاظم (عليه السلام)وأخبرها برغبة القميين وفرط اشتياقهم لزيارتها، وأجابت السيدة المعصومة طلبهم وأمرت بالحركة نحو قم.
أخذ موسى بن خزرج زمام ناقة السيدة المعصومة (عليها السلام)مفتخراً، وقادها إلى المدينة ([3]) الّتي كانت تنتظر قدوم أخت الإمام الرضا (عليه السلام)حتى وصلت القافلة إلى بداية مدينة قم ([4]).____
[1] . هي مدينة تبعد عن طهران حوالي 150 كم، وتعتبر المدينة المقدسة الثانية في إيران بعد مشهد الرضا (عليه السلام)، وسبب تسميتها بقم كما في روايات أهل البيت(عليهم السلام)عن الإمام الصادق (عليه السلام)قال: «إنما سُميت قم لأن أهلها يجتمعون مع قائم آل محمد (صلوات الله عليه) ويقيمون معه، ويستقيمون عليه، وينصرونه» .
مزارات أهل البيت وتاريخها: 199 ; ترجمة تاريخ قم: 100 ; البحار: 6 / 216 ; عش آل محمد: 77 .
ولقم فضل كما عن الإمام الكاظم (عليه السلام): «قم عش آل محمد ومأوى شيعتهم». تاريخ قم: 98 ; البحار: 60 / 214 ; عش آل محمد: 78 .
[2] . ترجمة تاريخ قم: 212 ; عش آل محمد: 73 ; موسوعة البحار: 11 / 28 .
[3] . ترجمة تاريخ قم: 213 ; عش آل محمد 79 .
[4] . لا بأس بأن نتبرك بذكر بعض الروايات الواردة في فضل قم وأهلها:
عن الصادق (عليه السلام): (إذا أصابتكم بلية وعناء فعليكم بقم، فإنها مأوى الفاطميين ومستراح المؤمنين...) بحار الأنوار: 57 / 215 .
عن الصادق (عليه السلام):
ستخلو «الكوفة» من المؤمنين ويأزر عنها العلم كما تأزر الحية في جحرها، ثم يظهر العلم ببلدة يقال لها قم. وتصير معدناً للعمل والفضل حتى لا يبقى في الأرض مستضعف في الدين حتى المخدرات في الجبال. وذلك عند قرب ظهور قائمنا، فيجعل الله قم وأهلها قائمين مقام الحجة، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها ولم يبقَ في الأرض حجة، فيفيض العلم منه إلى سائر البلاد في المشرق والمغرب، فيتم حجة الله على الخلق حتى لا يبقى أحد على الأرض لم يبلغ إليه الدين والعلم. البحار: 57 / 213 .
حياة وكرامات فاطمة المعصومة - السيد محمد علي الحسيني - (ج 1 / ص 7)
وفاة ودفن السيّدة المعصومة (عليها السلام)
في 23، ربيع الأوّل سنة 201 هـ . ق. ([1]) وصلت قافلة السيّدة المعصومة إلى مدينة قم، واستقبلها الناس بحفاوة بالغة، وكانوا مسرورين لدخول السيّدة ديارهم.
وكان موسى بن خزرج ذا يسر وبيت واسع، فأنزل السيّدة في داره وتكفل بضيافتها ومن برفقتها. واستشعر موسى بن خزرج فرط السعادة بخدمته لضيوف الرضا (عليه السلام)القادمين من مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). وهيأ لهم كل ما يحتاجونه بسرعة.
ثم اتخذت السيّدة فاطمة المعصومة معبداً لها في منزل موسى بن خزرج لكي تبتهل إلى الله وتعبده وتناجيه وتشكو إليه آلامها وتستعينه على ما ألم بها. وما زال هذا المعبد باقياً إلى الآن يسمى بـ (بيت النور) ([2]) .
أقلق مرض السيدة المعصومة مرافقيها وأهالي قم كثيراً، مع أنهم
لم يبخلوا عليها بشيء من العلاج، إلا أن حالها أخذ يزداد سوءاً يوماً بعد
يوم; لأن المرض قد تجذر في بدنها الشريف ([3]).
مضت سنة على سفر الإمام الرضا (عليه السلام)إلى مرو، وأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)في المدينة حرموا من عزيزهم الذي كانوا يستشعرون الرحمة واليمن بجواره، ولم يكن يُهدأ روعهم شيء سوى رؤيتهم للإمام المعصوم (عليه السلام).
السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام)كبقية إخوتها وأخواتها قل صبرها وكانت تئنّ كل يوم للوعة فراق أخيها الرضا (عليه السلام).
في هذه الأيام كتب الإمام (عليه السلام)رسالةً مخاطباً أخته السيّدة المعصومة (عليها السلام)، وأرسل الرسالة بيد أحد خدامه إلى المدينة المنوّرة بأقصر زمان ممكن، ثم (عليه السلام)دلّ الرسول على منزل أبيه حيث تسكن أخته المعصومة لكي لا يسأل شخصاً آخر عن منزل الإمام الكاظم (عليه السلام).
وصل مبعوث الإمام إلى المدينة المنورة وامتثالاً لأمر الإمام (عليه السلام)سلم الكتاب إلى السيدة المعصومة. وعلى الرغم من أننا لا نعرف شيئاً عن مضمون ذلك الكتاب، لكنه مهما كان فقد أجج نار الشوق في أهله وأقربائه. ومن هنا قررت السيد المعصومة وبعض إخوة الإمام وأبناء إخوته أن يتحركوا نحو (مرو) ليلتحقوا بالإمام (عليه السلام).
وبسرعة جهّزت عدّة واستعدت القافلة للسير، وبعد التزويد بالماء وأسباب السفر تحركت القافلة من المدينة إلى مرو.
كان في هذه القافلة السيّدة فاطمة المعصومة ويرافقها خمسة من إخوتها، هم: فضل، جعفر، هادي، قاسم، وزيد. ومعهم بعض أبناء إخوة السيّدة المعصومة إضافة لبعض العبيد والجواري .([1])
تحرّكت قافلة عشاق الإمام الرضا (عليه السلام)، ولم تتوقف عن المسيرة برهة سوى في المنازل الضروية للصلاة والغذاء والاستراحة، مخلفة هضاب الحجاز وصحاريه وراءها مبتعدةً يوماً فيوماً عن مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
السفر في صحاري الحجاز كان صعباً للغاية حتى إن الإبل أحياناً كانت تستسلم للعجز وتتقاعس عن المسير، فكيف بالمسافرين الذين لا بد لهم أن يذهبوا إلى مرو. لكن نور الأمل ولقاء الإمام كان يشرق في قلوب أهل القافلة ويحثهم على متابعة السير وسط رمال وأعاصير الصحراء.
في تلك الأيام، كان خطر اللصوص وقطّاع الطريق يهدّد كل مسافر، ويخلق له مشاكل كثيرة. وإذا هجموا على قافلة لا يبقى لأحد أمل في مواصلة السفر، وأقل ما يفعلونه نهب الأموال والمجوهرات والدواب. وإلا ففي كثير من الحالات يقتلون أعضاء القافلة لسرقة أموالهم. وهذا الخطر كان يهدد فاطمة المعصومة (عليها السلام)ومرافقيها، لكنهم توكّلوا على الله تعالى واستمروا بالسير، ويوماً فيوماً كانوا يقتربون من المقصد.
مرّت الأيام والليالي وقافلة قاصدي الإمام الرضا (عليه السلام)خلفت صحراء الحجاز وراءها ولم يبق لها شيء دون الوصول إلى أرض إيران.
وعناء السفر كان يرهق السيدة المعصومة، إلى جانب عناء الطريق ومشاقه على شابة كالمعصومة، ولكنها لشدة ولهها وشوقها إلى زيارة أخيها كانت مستعدة لتحمل أضعاف هذا العناء.
كانت السيّدة في طريقها دائماً تتصور الوجه المشرق للإمام الرضا (عليه السلام)وتتذكر الأيام الّتي قضتها في المدينة، وكانت عليها مسخة سرور تنذر بقرّة عينها في رؤية الإمام، ولأنها ترى أن عينها ستقرّ برؤيته، فإنها كانت مسرورة جداً.
انتهت المرحلة الصعبة من هذا السفر، وأخيراً وصلت القافلة إلى أراضي إيران، وهنا عليها أيضاً أن تواصل السفر واجتياز المدن والقرى واحدة
بعد أُخرى .***
____
[1] . الحياة السياسية للإمام الرضا: 428 ; عش آل محمد: 73 .
القافلة في ساوة...
وأخيراً وصلت القافلة إلى مدينة ساوة. وهناك مرضت السيّدة المعصومة مرضاً شديداً بحيث لم تقدر على مواصلة المسير. هذا السفر الطويل المتعب من المدينة المنورة إلى ساوة كان قد أضعف بدنها، إلا أن شدة المرض هي الأُخرى أنحلت جسمها وأشحبت لونها.
هل إن أخت الإمام الرضا (عليه السلام)تستطيع في هذه الحال أن تكمل سفرها لتزور أخاها العزيز في مرو؟ وهل تستعيد عافيتها وتواصل السفر لتلتقي أخاها العزيز في مرو؟ هذه أسئلة كانت تشغل فكر السيّدة المعصومة وتزيد من قلقها.
وعلى أية حال، قررت السيّدة بعد ذلك الذهاب إلى (قم) ([1])، فسألت من معها: (كم بيني وبين قم؟) أجابوها: عشرة فراسخ. ـ أي خمسة وخمسون كم تقريباً ـ وعند ذلك أمرتهم بالتوجه إلى قم ([2]).
كانت قم آنذاك ملجأ الشيعة، مع أن مذهب التشيع لم يكن شائعاً في إيران، لكن سبب هجرة الأشعريين العرب من الكوفة إلى قم جعلتها مدينة شيعية وجميع ساكنيها من محبي أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
الأشعريون ـ وبسبب ظلم عمال بني أمية الذين تجاوزوا الحد في عداوتهم لأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)ولشيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)ـ قد هاجروا من الكوفة وسكنوا هنا وبنوا مدينة قم وأسسوها.
ولما بلغ خبر وصول السيّدة المعصومة إلى ساوة ومرضها هناك. إلى أهل قم، أجمع كل أهل المدينة أن يذهبوا إلى السيّدة ويطلبوا منها الإقامة في قم. ولكن ذهب (موسى بن خزرج) ممثلاً من أهالي قم إلى بنت الإمام الكاظم (عليه السلام)وأخبرها برغبة القميين وفرط اشتياقهم لزيارتها، وأجابت السيدة المعصومة طلبهم وأمرت بالحركة نحو قم.
أخذ موسى بن خزرج زمام ناقة السيدة المعصومة (عليها السلام)مفتخراً، وقادها إلى المدينة ([3]) الّتي كانت تنتظر قدوم أخت الإمام الرضا (عليه السلام)حتى وصلت القافلة إلى بداية مدينة قم ([4]).____
[1] . هي مدينة تبعد عن طهران حوالي 150 كم، وتعتبر المدينة المقدسة الثانية في إيران بعد مشهد الرضا (عليه السلام)، وسبب تسميتها بقم كما في روايات أهل البيت(عليهم السلام)عن الإمام الصادق (عليه السلام)قال: «إنما سُميت قم لأن أهلها يجتمعون مع قائم آل محمد (صلوات الله عليه) ويقيمون معه، ويستقيمون عليه، وينصرونه» .
مزارات أهل البيت وتاريخها: 199 ; ترجمة تاريخ قم: 100 ; البحار: 6 / 216 ; عش آل محمد: 77 .
ولقم فضل كما عن الإمام الكاظم (عليه السلام): «قم عش آل محمد ومأوى شيعتهم». تاريخ قم: 98 ; البحار: 60 / 214 ; عش آل محمد: 78 .
[2] . ترجمة تاريخ قم: 212 ; عش آل محمد: 73 ; موسوعة البحار: 11 / 28 .
[3] . ترجمة تاريخ قم: 213 ; عش آل محمد 79 .
[4] . لا بأس بأن نتبرك بذكر بعض الروايات الواردة في فضل قم وأهلها:
عن الصادق (عليه السلام): (إذا أصابتكم بلية وعناء فعليكم بقم، فإنها مأوى الفاطميين ومستراح المؤمنين...) بحار الأنوار: 57 / 215 .
عن الصادق (عليه السلام):
ستخلو «الكوفة» من المؤمنين ويأزر عنها العلم كما تأزر الحية في جحرها، ثم يظهر العلم ببلدة يقال لها قم. وتصير معدناً للعمل والفضل حتى لا يبقى في الأرض مستضعف في الدين حتى المخدرات في الجبال. وذلك عند قرب ظهور قائمنا، فيجعل الله قم وأهلها قائمين مقام الحجة، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها ولم يبقَ في الأرض حجة، فيفيض العلم منه إلى سائر البلاد في المشرق والمغرب، فيتم حجة الله على الخلق حتى لا يبقى أحد على الأرض لم يبلغ إليه الدين والعلم. البحار: 57 / 213 .
حياة وكرامات فاطمة المعصومة - السيد محمد علي الحسيني - (ج 1 / ص 7)
وفاة ودفن السيّدة المعصومة (عليها السلام)
في 23، ربيع الأوّل سنة 201 هـ . ق. ([1]) وصلت قافلة السيّدة المعصومة إلى مدينة قم، واستقبلها الناس بحفاوة بالغة، وكانوا مسرورين لدخول السيّدة ديارهم.
وكان موسى بن خزرج ذا يسر وبيت واسع، فأنزل السيّدة في داره وتكفل بضيافتها ومن برفقتها. واستشعر موسى بن خزرج فرط السعادة بخدمته لضيوف الرضا (عليه السلام)القادمين من مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). وهيأ لهم كل ما يحتاجونه بسرعة.
ثم اتخذت السيّدة فاطمة المعصومة معبداً لها في منزل موسى بن خزرج لكي تبتهل إلى الله وتعبده وتناجيه وتشكو إليه آلامها وتستعينه على ما ألم بها. وما زال هذا المعبد باقياً إلى الآن يسمى بـ (بيت النور) ([2]) .
أقلق مرض السيدة المعصومة مرافقيها وأهالي قم كثيراً، مع أنهم
لم يبخلوا عليها بشيء من العلاج، إلا أن حالها أخذ يزداد سوءاً يوماً بعد
يوم; لأن المرض قد تجذر في بدنها الشريف ([3]).
السبت، 8 فبراير 2014
المثقف الديني المعاصر : (الشيخ حيدر حب الله )
ـ وإذا كان المثقّف الديني يحمل الهمّ الديني ويعمل لتحكيم الدين في الحياة بالدرجة التي يؤمن بها، فإن المطلوب منه أن يحمل مشروعاً للتغيير فيكون إنساناً رساليّاً، وأن يعمل لصالح المشروع هذا، أي أنّه مطالب بالفعل الإيجابي الذي يحقّق مشروعه وأهدافه في المجتمع، ومن ثم فلا يجوز له هدر طاقته بالفعل السلبي الذي يستنـزف ذاته، في ردّات فعل أو إسقاط مشاريع أخرى لا غير.
إنّ ملاحظةً بإمكاننا تسجيلها على المثقّف الديني المعاصر وهي أنّه استهلك نفسه في نقد التيارات السلفيّة أو التراثية أو المدرسيّة، وأَخَذَ يلاحق مفردةً مفردة، بل صار شغله الشاغل وعمله الدائم تتبّع عثرات ذلك التيار والعمل على نقضها بأساليب مختلفة، ليس آخرها أسلوب الاستهزاء والاستخفاف المعبّر عن نرجسية عالية وعن طاووسيّة غير عاديّة، لقد أذاب المثقف نفسه في ملاحقة هذه الهفوة هنا أو تلك السقطة هناك، وإذا به ينفض الغبار عنه فيرى أنه لم يحقّق شيئاً، ولم ينجح في مدّ جسور العلاقة الطيبة مع مجتمعه فبقي غريباً تُهجر حِكَمُه، ويُتعامى عن كلامه.
بل لقد ألقى هذا المثقف _بعد فشله _باللائمة على التيارات الأخرى أو على مجتمعه مطهّراً نفسه ومنـزّهاً إيّاها عن الخطأ أو التقصير... مستخدماً على الدوام المنطق الذي طالما حاربه، وهو منطق المؤامرة وإلقاء الفشل على الآخر...
أين هو مشروع المثقّف المتديّن؟ وماذا يريد؟ ولماذا بقي هذا المثقف عاجزاً عن تحقيق أهداف كبرى؟ ولم يتمكّن من كسر الطوق عنه؟
أسئلة كثيرة، لا نريد أن نظلم المثقّف هذا بتحميله هذه المسؤوليات كلّها، بل نحن نقرّ إقراراً عميقاً بصعوبة الموقف، وخطورته في الوقت نفسه، لكن مع ذلك نعتقد أن لهذا المثقف في آليّاته، وفي انفعالاته وردّات فعله دور في القطيعة التي وقعت بينه وبين مجتمعه، مهما نعتنا هذا المجتمع بالتخلّف والرجعيّة.
5 ـ وإذا كنّا نطالب المثقّف الديني بأن يحمل الهمّ الديني ويُبدي عواطفه الدينيّة، فإن لذلك أثراً جليّاً، إن هذا المثقف استغرق في نقد المقولات الدينية... كانت بادرة شريفة منه أن ينقد الموروث ليميز بين ما هو من الدين وما علق به عبر السنين، لكننا أحياناً وجدنا هذا المثقف خجلاً من أن يناصر مقولةً دينيةً، عندما يكون مقتنعاً بها، كي لا يبدو أمام الآخرين أنّه أيديولوجي أو متخلّف، بل قد يغضّ هذا المثقف الطرف أحياناً عن نقد غير منطقي موجّه للدين ـ وفقاً لرؤيته ـ ولا يفتح جبهةً من النـزاع الفكري والثقافي، ولكنه في المقابل لا يتحفّظ عن فتح جبهات لنقد التيارات السلفية أو التراثية أو المدرسيّة، لماذا ينأى المثقّف الديني بنفسه عن أن يُتّهم بأنه متصدٍّ للدفاع عن الدين، ولا ينأى بنفسه عن أن يكون ناقداً للموروث الديني رغم أن الوظيفتين شريفتان، ومسؤوليّتان يتحملهما هذا المثقف على السواء؟!
وإذا كان المثقف يرفض النـزعة الدفاعية فإن هذا حقّه، بل نحن نرى معه بأنّ الأولويّة في هذا العصر للنـزعة البنائية لا الدفاعية، إلا أنّ هذا لا يعني أن يغض الطرف _دوماً أو غالباً _عن ممارسة دفاع عن الأفكار الدينية عندما تتعرّض لنقد تجديفي أو لمناقشة علمية.
6 ـ وحيث كان المثقّف الديني مهمشاً ـ ظلماً وعدواناً ـ في مجتمعه، بل مقموعاً أحياناً من جانب السلطة السياسية أو تحالفها مع الاقتصاد، أو مقموعاً أخرى من جانب التيارات التراثية.. فإن من الطبيعي أن تبدو لديه أحياناً ردّات فعل سلبية تحاول فك القيود المفروضة عليه، وقد تأخذ ردّة الفعل هذه طابعاً معرفياً عندما يحاول نقد الموروث مقدّمةً لنقد واقعه، في محاولة تعبّر عن مطالبته بذاته وبدوره في الحياة، وهذه كلّها أمور منطقية مترقّبة، لكننا نريد أن نقرأها من الناحية القيمية، نريد أن نؤكّد أنّ على المثقف مجانبة الانتفاض الهائج على المفاهيم الموروثة انطلاقاً من واقعه هو، ومن ثمّ لا ينبغي له التركيز على تلك المقولات التي تسلبه دوره ككيان اجتماعي بعيداً عن صحة هذه المقولات أو بطلانها، ولكي أقرّب الفكرة بمثال، يمكن أن نأخذ مسألة التقليد والاجتهاد، فمهما كان موقفنا منها، وهذا حقّنا، لكن يجب أن نحذر من أن نتخِذ موقفاً سلبياً منطلقاً في اللاوعي من أن هذه المقولة تسبّب غياب دور المثقف لصالح رجال الدين، ومؤسسة علماء الدين.. إن مراقبة الذات عن أن تتحكّم في أفكارنا نتيجة أوضاع معينة يبدو لازماً لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأمانة والموضوعية والإخلاص للعلم.
وما نقولـه لا يخصّ المثقف المتدين بل هو ظاهرة عامّة تطال غيره على السواء، ومن ثم كما لا يحق التنظير وخلق المفاهيم لتكريس الواقع والمحافظة على المواقع، كذلك لا يصحّ النقد وهدم المفاهيم إذا كان في تكريس الواقع مضرّة على الجماعة المعيّنة، وإذا لم نبذل الجهد في التعالي عن هذه المعارك الحزبية والفئوية الضيقة، ولم نفكر في الأمّة كلّها بما لها من امتداد في الزمن فسوف نبقى ندور في دوّامات لانهاية لها.
5 ـ وعندما يكون المثقّف الديني صاحب مشروع تغيير، يغدو لزاماً عليه أن لا يقتل نفسه في شرنقة خطاب النخبة، لقد قطعت أواصر العلاقة بين المثقّف والمجتمع، وكان من أسباب ذلك عزوفه عن مجتمعه، واكتفاؤه بالعيش في الأبراج العاجيّة للثقافة وفي الصالونات المخمليّة كذلك، كان الآخر يبني ـ انطلاقاً من إرث تاريخي ـ علاقات استراتيجيّة مع الجماهير، وهو ما لم يفعله المثقّف، فخاصم أمّته، وربما كانت الأمم الأخرى أهون على قلبه من أمّته.
إن المثقّف الديني يتعذّب من هذا الوضع، ويجب عليه أن يفكر في حلّ، ولعل أوّل الحلول خلق روح التواضع والعيش مع الناس في روح هذا المثقف، وتحويله من منظّر فكري بحت إلى إنسان رسالي تطال رسالته الناس وهمومها كما تطال الثقافة وتشعّباتها، ومن ناقد لاذع فقط إلى أمّ رؤوم تعنيها مشاعر طفلها لإصلاحه بقدر ما يعنيها إرشاده إلى الخطأ..
الكاتب: حيدر حبّ الله
عبادة الأصنام في عصر التوحيد : (الشيخ حيدر حب الله )
كل واحد منّا يكاد يكون عابداً لصنم.. يقدّسه..
في حياتنا السياسية والفكرية والدينية والاجتماعية..
وكلّ فريق ينتقد الآخر على عبادته لصنمه.. لكنّه يعبد صنماً آخر غيره..
والكلّ يعبد الصنم.. ففرق بين من يرفض عبادة هذا الصنم ومن يرفض عبادة الأصنام كلّها..
وحتى نكسر الأصنام.. يجب أن نبدأ من التربية في بناء جيل صاعد..
وفي خطوة بسيطة تربوية يهمّني أن يشير علينا برأيه فيها من له قدم راسخة في العلوم النفسية والتربوية..
في خطوة أوّلية: أن يعمد كلّ أب وأم ومنذ طفولة أولادهما لإظهار عناصر الضعف فيهما بين الفينة والأخرى.. بطريقة لا تفقده الوثوق بهما..
كالاعتذار عن تصرّف.. أو الإقرار بجهل وعدم المعرفة بالجواب عن سؤال ما..
سينشأ الطفل الذي عادةً ما يرى أوّل الاصنام في الأسرة (الأب والأم).. سينشأ على أنّهما بشر مثله.. وإن تقدّما عليه بالفهم والخبرة.. وإن وجب عليه احترامهما..
الأصنام ليست حجارة فحسب.. الأصنام ثقافة وتدين ونمط انتماءٍ وعيش.. الأصنام هي استلاب من الدرجة الأولى..
الرواية الاولى لشهادة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام ) :
القول الأول: 8 ربيع الثاني، على رواية بقائها(ع) بعد أبيها(ص) بـ (40) يوماً، وقد ورد هذا القول في (54) مصدراً، ويسمى بـ (موسم الفاطمية الأولى).
فاطمة الزهراء عليها السلام لم تبق بعد أبيها صلى الله عليه وآله إلا أياماً قليلةً مستديمةً الحزن والبكاء متلقية من المصائب والأذى والآلام ما الله عالم به والمتأمل في خطاب أمير المؤمنين عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد دفنها يعرف عظم ما جرى عليها ومن هذا الخطاب قوله:
«وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها فأحفها السؤال واستخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلاً وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين».
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)